تقييم الفرصة الضائعة في قلة المشاركة المرأة الأردنية الاقتصادية
نشرت في أيلول، 2015
من كل ثماني نساء قادرات على المشاركة في سوق العمل (أي من عمر 15 الى 64 سنة)، نجد أن إمرأة واحدة فقط تعمل أو تبحث عن عمل في الأردن! إن هذه النسبة المتدنية، والتي تضع الأردن قرب أسفل الترتيب العالمي من منظور المشاركة الإقتصادية للمرأة، تعتبر من ظواهر أبرز فرصة إقتصادية ضائعة في تاريخ المملكة الأردنية الهاشمية. عند النظر الى دور الجوار نجد أن من بين كل أربع نساء، إمرأة واحدة تعمل أو تبحث عن عمل في حين النسبة العالمية تقرب من إمرأة واحدة من كل إمرأتين!
أتخمت المواقع الإخبارية بنقل هذه النسبة وتحليل الأسباب التي أدت الى حدوثها والتي تتنوع من تدني نوعية المواصلات العامة الى الإلتزامات العائلية الى عدم المساواة في الأجور عن ذات العمل بين الرجل والمرأة. إن الأسباب معروفة، والحلول كذلك معروفة، فهي نوقشت في العديد من الأوراق الصادرة عن مختلف المؤسسات الأهلية المحلية أو العالمية. تهدف هذه المقالة الى إضافة جانب آخر للنقاش حول هذه المسألة والتي لم تناقش الى الآن؛ ما قيمة الفرصة الضائعة نتيجة للمشاركة المتدنية للمرأة في سوق العمل؟ كم من الأموال والثروات والضرائب للخزينة نهدرها من خلال قلة إستخدام نصف مجتمعنا إقتصادياً؟
للجواب على هذا السؤال، أتبع منهجية أستخدمت من خلال عدة مؤسسات عالمية لقياس قيمة هذه الفرصة الضائعة للعديد من الدول والتي تتلخص في قياس قيمة الإضافة الإقتصادية لكل إمرأة إضافية إضيفت جدلاً الى سوق العمل. في عام 2013، نجد أن المشاركة الإقتصادية للمرأة بلغت 13.2 بالمئة (مقارنة مع 12.6 اليوم) والتي تماثلت مع ناتج محلي إجمالي بلغ 23.9 مليار دينار أردني.
عند تطبيق المنهجية الى هذه الأرقام، نجد أن لو كانت المشاركة الإقتصادية للمرأة بنفس قيمة معدلها لدول الجوار (أي 23%)، لكان الناتج المحلي الإجمالي في عام 2013 26.2 مليار دينار (أي زيادة بقيمة 9%). لو كانت النسبة تساوي المعدل العالمي (أي 50%)، لكان الناتج المحلي الإجمالي 32.5 مليار دينار أو ما يساوي زيادة نسبتها 36%! إن تحقيق نمو بقيمة 36% يحتاج الى 16 سنة قياساً الى معدلات النمو الحالي! إن إضافة إمرأة واحدة الى سوق العمل الأردني يعني إضافة حوالي 13 ألف دينار لإقتصادنا الأردني والتي تتوزع ما بين أجر للمرأة، أرباح للشركات، وضرائب إضافية للخزينة.
إننا نقف اليوم على عتبة أبرز فرصة إقتصادية للأردن تتنكر تحت غطاء تدني المشاركة الإقتصادية للمرأة. إن إستقطاب الإستثمارات مهم من أجل تحقيق النمو الإقتصادي، لكن يجب علينا أن نستخدم الرأس المال البشري بشقيه لتحقيق التنمية المستدامة لكافة المجتمع الأردني. إن المسألة فقط ليست في قلة إستخدام النساء في توليد النشاط الإقتصادي، بل في قلة العدالة في الإستخدام. نستخلص من أرقام دائرة الإحصاءات العامة أن المشاركة الإقتصادية للرجال الأميين (16%) أعلى من نسبة المشاركة الإقتصادية للمرأة بشكل عام و أعلى من نسب المشاركة للمرأة الحاصلة على شهادة الثانوية العامة! فأين العدالة في هذا الإختلال؟
تتطلب رفع نسبة المشاركة الاقتصادية للمرأة في الأردن، لتماثل المعدل العالمي، العديد من السياسات التي تضمن مساواة في الأجور عن ذات العمل بين الرجل والمرأة حيث تجني المرأة حالياً 90 قرشاً من كل دينار يجنيه الرجل عن ذات العمل (هذا من دون النظر الى العديد من الحالات التي تجني بعض النساء فيها أجور أقل من الحد الأدنى للأجور). يجب ضمان تطبيق المواد في قانون العمل من جميع أصحاب العمل التي تسهل للمرأة الحصول على فرصة للعمل الجزئي، تضمن الوصول الى حاضنات للأطفال، تضمن الحصول على إجازة الأمومة المدفوعة الأجر وتجرم التمييز الجندري في بيئة العمل. وآخراً، يجب توفير شبكة مواصلات بكلفة اقتصادية معقولة من أجل تسهيل التنقل لرأس المال البشري الأردني من أجل ضمان إنسيابية العمال والعاملات في إقتصاد المملكة.
إن رأس المال البشري الأردني ساهم في قيام إقتصاديات جبارة في دول الجوار. أن الآوان لنستخدم هذا الرأس المال البشري في بناء اقتصاد أقوى ومستدام يحقق دخولٍ وفيرة للأردنيين كافةً ومستوى معيشي أفضل للمواطنين.